باصات
التثبت والتبين من صحة الأخبار المنقولة والمنشورة أصل شرعي أبدت فيه الشريعة وأعادت، وجاءت الأوامر الشرعية بكثرة في الحث عليه وتحقيقه والتحذير من الإخلال به، والإخلال به يكون بتصديق كل ما ينقل وينشر دون تثبت، والأخبار التي تحمل اتهامات للآخرين أخطر بكثير من غيرها، فالخبر الذي فيه طعن بإنسان أو جهة أوفئة من الناس قد تكون آثاره المعنوية والحسية عليهم كبيرة، ومن هنا شددت الشريعة في هذا الأمر صيانة لأعراض الناس وسمعتهم من التشويه، بل رتبت الشريعة الحد على من اتهم عفيفة في عرضها إن لم يقم البينة الشرعية على اتهامه.
وفي عالم الانترنت اليوم ولا سيما برامج التواصل الاجتماعي ارتفعت وتيرة تلقي الأخبار ونشرها بسرعة دون تثبت، خصوصا من قبل الخصوم السياسيين، حتى اصطلح أهل هذه المواقع على تسمية الشائعات والاخبار الكاذبة (باص) وهم يقصدون بأن من يصدق خبرا دون تثبت وينشره ويبني عليه الأحكام والتعليقات والانتقادات والمطالبات يشبه من يصعد باصا للمواصلات دون أن يعرف أين سيذهب به هذا الباص، وهو تشبيه جميل في الحقيقة، ويحمل تنبيهات مهمة لرواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وما أكثر هذه (الباصات) في دنيا الناس اليوم، رغم أن أكثرها تنكشف بسرعة، ويتبين للناس أنها كذبة صلعاء، لكن المتعظين بذلك قليل، ومن يتكرر منهم ركوب هذه الباصات كثيرون جدا غفر الله لنا ولهم.
ولهؤلاء نقول: أيها الكرام إن تصديق الأخبار ونشرها دون تثبت عاقبته وخيمة جدا، فقد قال صلى الله عليه وسلم «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع»، وقال صلى الله عليه وسلم «من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج» وردغة الخبال هي عصارة أهل النار ـ والعياذ بالله ـ .. هذه الأحاديث وما تحمله من وعيد قد نكون من المشمولين بها بمجرد ترويج شائعة أو صعود باص يحمل اتهاما لمسلم بريء، فلا تورط نفسك ـ حفظك الله ـ واجعل نعمة الانترنت حجة لك عند الله جل جلاله يوم لقائه، ولا تجعلها نقمة عليك بسبب مثل هذه الأمور.
٭ همسة قلم خاصة: أهمسها في أذن أخي المجتهد والوزير الشاب أبي يوسف ـ سدد الله مساعيه:
أقول له فيها: امض في خطواتك الإصلاحية في وزارتيك وملحقاتهما، ولا تلتفت إلى كلام بعضهم، فلن تسلم من الناس، لأن (مرضاة الناس جايده) ورضاهم غاية لا تدرك، وتذكر قول الشاعر:
ولكن عين السخط تبدي المساويا.
وفقك الله جل جلاله.
تغريدات:
١ ـ (إذا ساءت فعال المرء ساءت ظنونه)، هذه حقيقة من ساءت ظنونه بالناس..
٢ ـ أخي العزيز.. حفظك الله، لا تتأثر بمدح الناس لك، في وجهك أو ظهرك، فهم لا يملكون لك ضرا ولا نفعا، بل احرص على أن تكون عند الله مرضيا.
الثلاثاء 22 ديسمبر 2015 – الأنباء
http://www.alanba.com.kw/kottab/abdullah-mter-alshreka/611750/22-12-2015-باصات/