لقاء صحفي حول ( شبهة الأنبا بيشوي )

  • من حق بيشوي وغيره إثارة التساؤلات حول الإسلام وانتقاد أتباعه لكن ليس عبر الافتراء والتدليس

أكد الباحث الشرعي د.عبدالله الشريكة أن لأي إنسان الحق والحرية في إثارة التساؤلات حول حقيقة الإسلام وانتقاد أتباعه بالنقاش العلمي والأسلوب المؤدب، لا بالافتراء والتدليس والسباب، مبينا أنه يعرف الكثيرين من الأقباط وغير المسلمين الذين يتحلون بالأدب في الحوار والصدق في البحث عن الحق ممن يناقشهم ويلتقيهم في منتديات الإنترنت التي يشرف عليها. وأشار الشريكة إلى أن مثل الأنبا بيشوي الذي يتقلد منصبا كبيرا في الكنيسة في مصر يجب ألا تصدر منه تصريحات تدل على عدم رعايته للكلمة وعدم استشعاره للمسؤولية، لافتا إلى أنه اعتاد الافتراء على الإسلام ورموزه والتشكيك في ثوابته بأسلوب فج يثير سخط الجميع. وأضاف أن هجوم بيشوي الأخير على القرآن إنما هو بقصد صرف النظر حول ما يثار من تساؤلات في معتقداته الفاسدة المنحرفة التي يعجز عن الإجابة عليها عند أتباعه، لافتا إلى ان أبناء ملته المسيحية لم يسلموا من شر لسانه فضلا عن المسلمين، حيث صرح بكفر أتباع الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية. «الأنباء» التقت د.عبدالله الشريكة المتخصص في مناظرة المستشرقين ودحض ما يثيرونه من شبه حول الإسلام، لتستطلع آراءه حول تصريحات الأنبا بيشوي المثيرة ودوافعه، وتسأله عن حقيقة بعض الشبه التي يثيرها هو وغيره من المغرضين، وفيما يلي تفاصيل الحوار:

عرف الأنبا بيشوي في مصر بتصريحاته العنيفة خاصة ضد الإسلام وثوابته، فما مدى إطلاعك على فكره ونهجه في ضوء دراستك وتخصصك في رد كل ما يثار عن الإسلام من شبه؟

أظن أن ما عرف عن الأنبا بيشوي ـ وهو سكرتير المجمع المقدس، وهو المرشح الأقوى لخلافة البابا شنودة بطريرك الكرازة المرقسية وبابا الكنيسة الاسكندرية ومطران دمياط ـ من تصريحات هوجاء إنما جاء نتيجة شدة الضغط الذي يتعرض له من قبل أتباعه المسيحيين وغيرهم، وكثرة التساؤلات المحيرة حول الكتاب المقدس وبعض الحقائق في العقيدة المسيحية المبهمة، ربما رأى، وأقولها تأكيدا، ربما رأى ان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم، ولذلك شن حربا مستعرة على القرآن الكريم، وعلى الإسلام العظيم، وهذه الحرب التي أعلنها هداه الله عز وجل لم تكن مستغربة عند أحد من المسلمين الذين يعرفون ما يحمله الأنبا بيشوي من معتقد، بل قد عرف مسبقا بتصريحات تدل على عدم الشعور بالمسؤولية تجاه ما يقول، حتى انه آذى أبناء ملته المسيحية بتكفيره المعروف للكاثوليك والبروتستانت مما حدا بكل من الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية في مصر إلى أن تحتج وتعترض وترد عليه بخشن القول والعبارة.

من حقهم ولكن..

لكن أليس من حق الآخرين نقد ديانات المخالفين كما نفعل نحن المسلمين مع غيرنا؟

من حق الأنبا بيشوي أن يثير التساؤلات حول الإسلام، أو ينتقد أتباعه، هذا من حقه ومن حق كل مسيحي، لكن ليس من حقه ولا من حق أي انسان آخر أن يكذب في تصريحاته ويدلس، أو أن ينسب إلى المسلمين ما ليس فيهم، ونحن كمسلمين علمنا ديننا العظيم الانصاف حتى مع المخالفين، فقال سبحانه وتعالى (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)، والنبي صلى الله عليه وسلم أرسل معاذا إلى أهل اليمن فقال له يا معاذ ‏«‏إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ـ وفي ختام الحديث قال له ـ واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب‏»‏‏، ولا شك أن من انواع الظلم أن تفتري على المسيحيين وتزعم أنهم يقولون كذا وكذا وهم في الحقيقة لا يقولون بهذا القول إطلاقا.

الكذب على العلماء

ادعى الأنبا بيشوي أنه التقى وفودا إسلامية تصحح معتقد النصرانية، فما صحة هذا الادعاء؟

من هذا المنبر أعلم ان صوتي سيصل إلى كثير من المسيحيين المحترمين، لذا أقول للأنبا بيشوي إما أن تتفضل وتذكر لنا بعضا من المسلمين الذين صححوا المسيحية، وإلا فإننا نوجه لك تهمة الكذب على الإسلام وعدم الأمانة، وإن كنت قد نقلت هذا الكلام ولم تتحقق منه فإننا نعيب على أمثالك من رجال الدين الكبار أن يصدقوا كل ما يقال لهم، هذا أولا، وثانيا نطالبك بأن تعتذر عن هذه الافتراءات حول المفسرين العظام في الإسلام، خاصة انه لا يخفى على مسلم أن من صحح المسيحية، أو من زعم ان المسيحية دين صحيح فهو كافر بالله رب العالمين.

قد يتساءل البعض فيقول أين التضاد بين الإسلام والمسيحية، أليس كلاهما دينين سماويين؟

نقول لهم أن اعظم العقائد المسيحية أبطلها الله عز وجل في القرآن، بل قد كفر الله تعالى من قال بألوهية المسيح، قال الله تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم)، كما كفر سبحانه وتعالى من قال بالتثليث، قال الله تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)، وأبطل جلا وعلا القول بصلب المسيح عليه السلام، وذلك بقوله تعالى في معرض رده على اليهود (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)، ومن المعلوم ان هذه العقائد الثلاث هي من اهم العقائد عند المسيحيين، وهذه العقائد يكفر المسلمون القائلين بها سواء انتسبوا إلى المسيحية أو لغيرها من الأديان، فلا يحق بعد ذلك للأنبا بيشوي هداه الله أن يتهم كبار المفسرين بتصحيح المسيحية والله تعالى يقول (إن الدين عند الله الإسلام)، وقال سبحانه (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).

تشكيكه في القرآن

الأنبا بيشوي طرح مؤخرا سؤالا ظاهره الاستفهام وباطنه التشكيك في صحة جمع القرآن الكريم، وذلك بتساؤله إن كانت الآيات التي تكفر النصارى من القرآن أم أنها أضيفت ومن سيدنا عثمان رضي الله عنه، فما تعليقك؟

هذا شيء مما عودنا عليه الأنبا بيشوي من افتراءات، ومن تصريحات آذت المسلمين في كل مكان، وليس في مصر وحدها، كما أني لا أستغرب أن يخرج مثل هذا الكلام من بيشوي، لم؟ لأني أعلم وهو يعلم كذلك ان الكتاب الذي يؤمن هو به معرض للزيادة والنقصان، وقابل للتغير في التراجم، بينما قرآننا الكريم لا يستطيع أحد أن يضيف فيه ولو حرفا واحدا، بل ولا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يستطيع أن يضيف إليه شيئا، قال الله تبارك وتعالى (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين).

وما صنعه سيدنا عثمان رضي الله عنه إنما هو مجرد نسخ لما جمعه سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه، فهو تأكيد لما جمع في العهد البكرى، والقرآن الكريم تكفل الله بحفظه، فلو أخطأ فيه إمام في الصلاة ولو في حرف واحد لبينه المصلون له، ولو طبعت منه نسخة فيها خطأ واستبدلت مثلا الضمة بالفتحة لرأيت الدنيا قامت ولم تقعد، واكتشفها عامة الناس قبل العلماء بفضل الله تبارك وتعالى، القرآن الكريم إلى يومنا هذا يسمع في المساجد، وخصصت له قنوات فضائية، ويحفظه الأطفال والكبار، وينقل من بيت الله الحرام إلى أقطار المعمورة دون اختلاف في ألفاظه، فلا زيادة ولا نقصان، وليس فيه شيء يخدش الحياء ولا يؤذي آذان المستمعين له.

في حين أن الكتاب المقدس وفق العقيدة الارثوذكسية يتكون من 73 سفرا، وعند البروتستانت يتكون من 66 سفرا، وعند الكنيسة الحبشية يتكون من 81 سفرا، وهذا دليل ساطع على ان هذه الأسفار ليست من كلام الله.

كم سمعنا عن حلقات تحفيظ القرآن؟ كثير، فهل سمعنا ولو مرة واحدة عن حلقات تحفيظ الكتاب المقدس؟ هل سمعنا ولو مرة واحدة عن مسابقة لتحفيظ الكتاب المقدس؟ هل رأينا رجل دين مسيحي واحدا يحفظ الكتاب المقدس؟ وأنا من هنا أطالب الأنبا بيشوي بأن يقدم لنا قسيسا واحدا نختبره في حفظ الكتاب المقدس، في حين بعض البلاد الاسلامية فيها أكتر من 100 ألف حافظ للقرآن الكريم.

وأخيرا فإن تصريحاته تكشف عن ذاك الحقد والكراهية اللذين تغذيهما الكنيسة القبطية في قلوب اتباعها وزوارها، مصداقا لقوله تعالى (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)، وأنا لا اعمم على كل الأقباط، لا والله، بل أعلم ان فيهم من هو غاية في الاحترام وغاية في الأدب، لكن مثل هذه التصريحات الهوجاء والمتكررة تنبئ عن كثرة النماذج التي تشبه الأنبا بيشوي في طرحها وتشاركه فيما يقول، وتغذي القلوب والأنفس بالأحقاد والضغائن والكراهية للناس كافة والمسلمين خاصة والمسلمين المصريين على وجه الخصوص.

تصريحات بيشوي دليل على جهله بالقرآن والعقيدة الإسلامية

عن مزاعم الأنبا بيشوي شبه ومزاعم بإثبات بنوة عيسى إلى الله من القرآن الكريم، تعالى الله عما يقول علوا كبيرا، قال د.عبدالله الشريكة قائلا ان الأنبا بيشوي يحاول جاهدا من خلال تصريحاته ان يوهم الناس بأن القرآن يدل على إثبات بنوة المسيح إلى الله تعالى، وإثارة الشبه حول مسألة أن عيسى ابن مريم كلمة الله وروح منه، مما يدل على عدم معرفة قائله بالقرآن الكريم ولا بالعقائد الإسلامية، فإن الله تعالى يقول في محكم الآيات (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا)، فلو أن الانبا بيشوي كلف نفسه وطالع القرآن بروية وبقلب حاضر يبحث عن الحق والهدى لعلم حقيقة المسيح عليه السلام، وانه ليس الا عبدا لله لا يعبد من دونه، ورسولا لله لا يكذب، وهذا الذي تكرر ذكره الأناجيل التي يؤمن بها الأنبا بيشوي هدانا الله واياه إلى سواء السبيل، فإن أول كلمة تكلم بها المسيح عليه السلام وهي في سورة مريم أن قال (قال إني عبدالله…). وكذلك فإن المسيح عليه السلام ليس بأغرب وجود من آدم لأن المسبح ولد من أم دون أب لكن آدم أوجده الله عز وجل بدون أم وبدون أب، قال تعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون). وأما زعمه وظنه في قوله تعالى عيسى «وروح منه»أن في هذا دليل على ان المسيح هو الله وأنه روح الله، أو بقوله تعالى (إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم) وقوله تبارك وتعالى (وروح منه) لا يدل على ان المسيح هو الله، وللإجابة على هذه الشبهة نقول: أما الكلمة فهي التي قالها ربنا سبحانه وتعالى (ثم قال له كن فيكون)، وأما قوله تعالى (وروح منه) فالمراد ان المسيح عليه السلام روح من الأرواح التي خلقها الله وروح منه المقصود بها من خلقه جل وعلا، كما قال سبحانه (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، فهل يقال إن كل ما في السموات والأرض من ذات الله تبارك وتعالى؟ بالتأكيد لا يقول ذاك عاقل، وأعظم من ذلك في الدلالة قوله تبارك وتعالى عند آدم (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي) أي من الأرواح التي خلقها الله تبارك وتعالى والله عز وجل وصف مخلوقات كثيرة بأنها روح، مثل قوله تعالى (فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا)، وقوله تعالى (نزل به الروح الأمين)، وهذا أمر معروف في لغة العرب، فهل يحق لنا أن نترك هذا النص الواضح وهو قوله تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم)، وقوله تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) ثم نتشبث بمثل هذه الألفاظ المتشابهة التي يتضح مدلولها من خلال جمع ألفاظ القرآن بعضها ببعض.

الاثنين 18 أكتوبر 2010 – الأنباء