لقاء صحفي حول ( ما ينبغي فيه في الجدال مع المخالفين في الدين )

  • من العبث والضرر في الدين الاستماع لشبه المخالفين بمعزل عن سماع حجج الإسلام وبراهينه

  • هناك فرق بين الجدال الشرعي النافع ورمي الشبهات تحت مسمى «الحوار» الكاذب

  • الاحتجاج بجدال ابن عباس للخوارج باطل.. لأنه جدال عالم مختص بعيداً عن عوام المسلمين

  • محاربة الملتقى أوصلت رسالة كويتية عن مشاعر الأخوة لدول الخليج والسعودية خاصة..وكشفت بعض الشخصياتومواقفها المشبوهة

إعداد: م. ضاري محسن المطيري

أكد الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية د.عبدالله الشريكة أن الشريعة لا تمنع من جدال المخالفين في الدين لمن كان مختصا من العلماء، لافتا إلى أنه يجب على المختصين وجوبا كفائيا تفنيد شبهاتهم بالحجة والبرهان من الكتاب والسنة. وأضاف أن النقاشات المتعلقة بالأديان حساسة جدا قد تولد فتنا عمياء، وأن كثيرا من الليبراليين يتخذ السخرية بالآخرين وبعقائدهم مسلكا له ويسميه كذبا وزرا «حوارا»، مشيرا أن الجدال بالتي هي أحسن مقبول، والمماحكة والمراء العقيم مرفوض، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم «أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا». «الأنباء» التقت الشريكة أحد أبرز الرافضين لملتقى النهضة المثير للجدل، حيث أوضح أن ما يدور في هذه المؤتمرات إنما هو إلقاء شبهات وليس جدالا شرعيا نافعا، وأن المؤتمرات السابقة التي يدور فيها الجدال لا تشجع على المشاركة فيها أصلا، لاستخدامها الإرهاب الفكري والنفسي للخصم برفع الأصوات والاستهجان والتشويش، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

للتواصل مع د.عبدالله الشريكة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» dr_alshoreka@

ما المشكلة والمحظور في أن يستمع المسلم للمخالف ويطلع على حججه وبراهينه بحثا عن الحق؟

٭ لا مانع أبدا أن يستمع المسلم للمخالفين له في الدين إذا كان قد درس دينه وفهمه جيدا، بل إن الجدال مع المخالفين بالتي هي أحسن منهج شرعي أمرنا الله به، وذلك في قوله تعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن)، أما من لم يكن دارسا ولا متخصصا فإنه من العبث والضرر له في دينه أن يلقي بسمعه للمخالفين دون سماع حجج الإسلام وبراهينه ورد المسلمين على ما يطرحه المخالفون من شبهات، وهذا ما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم وهو ألا نستمع لمن يلقون الشبهات ويتتبعون المتشابهات، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم»، فقوله فاحذروهم تحذير صريح من هؤلاء وطرحهم، وهذا كما تقدم لغير المختصين، اما المختصون فإن من الواجب الكفائي عليهم أن يفندوا هذه الشبهات بالحجة والبرهان الساطع الذي سنجده في الكتاب والسنة، كما قال تعالى (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا)، وهذا يبين لنا فساد قول من يحتج بجدال ابن عباس رضي الله عنه للخوارج، فإن ابن عباس كان من العلماء الكبار وهو لم يجادل الخوارج أمام عوام المسلمين ولذلك رجع على يديه بفضل الله الكثير منهم.

البعض يقول: لماذا تمنعون الاستماع إلى أفكار الآخرين؟ ألهذه الدرجة عقائدكم هشة تخشون تأثرها سلبا؟

٭ الإجابة عن هذا السؤال مبنية على إجابة سابقه، بالنسبة للتفريق بين المختصين وغيرهم، وما جاء في هذا السؤال ما هو الا مقدمة باطلة لا وجود لها إلا في ذهن قائلها ـ هدانا الله وإياه ـ فلم تكن العقائد الإسلامية في يوم ما هشة البتة بحمد الله، بل هي النور والبرهان الذي سطع في مكة وعمم الكرة الأرضية بأنواره المتلألئة، ونحن نرحب بالحوار والجدال الهادف مع المخالفين الذي سنكشف لهم من خلاله الحقيقة التي قال الله فيها (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق)، ولم يزل الدعاة والعلماء يستمعون لغيرهم ويحاورونهم ويبينون لهم الحق، وقد من الله علي بعقد مئات الحوارات في برنامج البالتوك في الانترنت مع العديد من القساوسة والحاخامات اليهود والملاحدة واللادينيين ومن يتبنون فكر التفكير من المسلمين وغيرهم بفضل الله وحده.

وهكذا حاورت العديد من القساوسة والحاخامات اليهود والملاحدة في الولايات المتحدة أثناء الرحلة الدعوية التي نظمتها لي الأوقاف آنذاك، وهكذا في باريس وكندا، ومؤخرا قد توجهت بطلب المناظرة لبعض المشاركين في مؤتمر النهضة الذي كان سيقام في الكويت ولم يأتني رد منهم، فكيف يقال اننا نمنع الاستماع؟ أدعو قائل هذا الكلام ـ وفقه الله ـ إلى سحبه والتراجع عنه.

ملاحظات على المؤتمر

ماذا تنقم على مؤتمر النهضة تحديدا؟

٭ هذا التجمع الذي كان مزمعا إقامته في الكويت مر بأطوار عدة بعد الإعلان عنه واقتراب موعد إقامته، فقبل إقامته بيومين تقريبا أعلن بعض القائمين عليه من خلال حساباتهم في تويتر رفضهم لحضور أي شخص من غير المشتركين وهكذا منعوا التعقيب والمداخلات، وكان هدفهم جمع المشتركين من الشباب والفتيات الكرام في الفندق مع إلزامهم بالإقامة فيه حتى للكويتيين والاحتكاك بالضيوف ذوي التوجهات المختلفة وأقلها الإسلامية، وهم ضيوف لو بحثت عن الجامع المشترك بينهم لوجدته العداء للمملكة العربية السعودية، وبعضهم يعلن عداءه لمملكة البحرين كذلك، فأحدهم سعودي سحبت جنسيته ويقيم في بلد خليجي ومعروف بهجومه المتكرر على الشقيقة السعودية، وسعوديان آخران معروفان بعدائهما للسعودية والبحرين، ومشاركة سعودية ظهرت في قناة تنصيرية معروفة بسبها للنبي صلى الله عليه وسلم صباح مساء، ودكتور فرنسي له كتابات عديدة عن حركات التغيير في السعودية، وله مقالة بعنوان «السعودية بعد الوهابية»، ويشرف عليه دكتور سعودي ممنوع من مغادرة السعودية وله تاريخ طويل من المواقف المثيرة للجدل والسلبية والمتناقضة ـ هدانا الله وإياه ـ وغيرهم وغيرهم.

«المكتوب مبين من عنوانه» كما يقول المثل، فنحن نخشى أن يفهم إخواننا السعوديون اننا نقبل ونسمح بالإساءة لهم ولبلادهم بإقامة مثل هذا التجمع في بلادنا، ولا أظن أن أحدا من الكويتيين سيرضى أن تقيم السعودية أو البحرين تجمعا كهذا يكثر فيه المشاركون المعادون للكويت، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإن هذا التجمع قد سلك المسلك الاقصائي وأحادي الرأي وإلغاء الآخر تماما، وبكل ظلامية ورجعية حين أعلن رفض حضور ومشاركة غير المشتركين، فهو أشبه ما يكون غسيل مخ للشباب كما يقول البعض.

مع التنبيه على أنهم تنازلوا عن اقصائيتهم نوعا ما بعد النقد الذي تلقوه في «تويتر» من قبل بعض النشطاء فأعلنوا السماح بالحضور والمشاركة بعد أن فات الفوت.

كما أن محاور التجمع مثيرة للجدل في عناوينها وطارحيها ـ هدانا الله وإياهم ـ هذه باختصار بعض أسباب رفضي لهذا التجمع، وقد نشرت في «تويتر» الوثائق والأدلة على ما ذكرته حول بعض المشاركين، فليتفضل بمراجعتها هناك من شاء من الإخوة الكرام.

لو دعيت كمحاضر في مؤتمر ليبرالي سيقام بحضورك أو عدمه فهل ستقبل المشاركة؟

٭ النقاشات المتعلقة بالأديان حساسة جدا، ومناقشة العقائد قد تولد فتنا عمياء ما لم تتخذ وسائل السلامة، ومع الأسف ان من أسميتهم انت بالليبراليين كثير منهم يتخذ السخرية بالآخرين وعقائدهم ومقدساتهم مسلكا له ويسميه حوارا، وهذا مسلك خطير يجر للمجتمع مالا تحمد عقباه، فإن الله تعالى قد نهانا على سب آلهة المشركين لما يفضي إليه هذا السب من سب لله تعالى فقال تعالى (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم)، ويقول سبحانه مبينا لنا المسلك الشرعي للجدال (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)، فالجدال بالتي هي أحسن مقبول والمماحكة والمراء العقيم مرفوض حتى قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا».

ومع الأسف فإن كثيرا من المشتغلين بالحوارات والإعلام يستفزون الناس بشكل قاتل شعروا أو لم يشعروا، وكلنا يتذكر كم من قناة اقتحمت بسبب الاستفزاز الذي يقع، وانا لن أسمح لنفسي بأن أكون رأسا في الفتنة ولا أن اشارك بما يعود على بلدي وأهلي بالشر، لذا فإني لن أشارك في مؤتمر ينظمه المخالفون حتى لا يتحكموا في طرحي ولا يمنعوني متى ما أرادوا ويسمحون متى ما أرادوا.

كما أن كثيرا من المؤتمرات السابقة التي نشرت في اليوتيوب لا تشجع على المشاركة لأن البعض يسلك مسلك الإرهاب الفكري والنفسي لخصمه، فبمجرد أن يبدأ مخالفه بالكلام إلا وترتفع أصوات الاستهجان والامتعاض والتشويش حتى قبل ان يقول جملة كاملة.

وهناك فرق بين الجدال الشرعي النافع وإلقاء ورمي الشبهات التي يريد البعض تسميتها حوارا وإني لأعجب ممن يمنعنا من حوار الآخرين ويقول لنا دعوهم وحريتهم يعبدون ما يريدون وكيف أرادوا ثم يطالب بتعريض المسلمين للشبهات وسماع المشككين رغم عدم تخصصهم، ولا يقول هنا دعوهم وحريتهم سبحان الله.

مزيدا من الشهرة

ما رأيك بمن يقول إن محاربتكم لمؤتمر النهضة وغيره منحتهم مزيدا من الشهرة؟

٭ أقول بإنصاف إن محاربة هذه التجمعات المشبوهة تتضمن شيئا من المفاسد لكنها مفاسد قليلة محتملة بمقابل المصالح العظيمة التي تحققت بفضل الله، فإن هذا التجمع كما قال الله تعالى (وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم) لأنه تجمع كشف الكثير مما يحتاج إلى كشف مما كان من الصعب جدا كشفه، والفضل في هذا يعود لله وحده، ومحاربة هذا التجمع أوصلت الرسالة الكويتية الحقيقية المعبرة عن المشاعر الصادقة للإخوة في الخليج عامة والسعودية خاصة حتى وصلتنا الكثير جدا من رسائل الشكر والثناء العلنية والخاصة، كما أن هذا المؤتمر قد كشف بعض الشخصيات ومواقفه المشبوهة، لذا فإني عن نفسي بحمد الله لم أندم على محاربته، ولم تكن محاربتي له عن خوف أو ضعف في العقيدة بدليل أنني عرضت عليهم المناظرة بحمد ربي سبحانه، في الختام أخي الفاضل فإني أشكركم مرة أخرى، وأسأل الله لي ولكم وللقائمين على تجمع النهضة كافة التوفيق والسداد، ونتمنى منهم ألا يغضبوا إذ أعلنا عن رفضنا لمؤتمرهم فهذا من التعبير عن الرأي الذي يطالبون به كثيرا وفقهم الله.

الاثنين 26 مارس 2012 – الأنباء